دير الزور.. معاناة العائدين بين أنقاض الدمار ونار الإيجارات
دير الزور/مروان الفراتي
في مدينة دير الزور التي تحمل ندوب الحرب على كل حجر من شوارعها، يعيش العائدون من النزوح صراعًا جديدًا يضاف إلى معاناتهم: أزمة سكنية خانقة تضعهم بين مطرقة الدمار وسندان ارتفاع الإيجارات الجنوني. وبينما كانت الأمل في العودة إلى الحياة الطبيعية يراودهم، يجدون أنفسهم أمام واقع مرير يهدد استقرارهم المعيشي.
الدمار والنقص الهائل
تعتبر الأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية التحتية للمدينة السبب الرئيسي لهذه الأزمة. تشير التقديرات إلى أن نسبة الدمار في الأحياء السكنية قد تجاوزت 80%، مما أدى إلى نقص حاد في عدد المنازل الصالحة للسكن. هذا الدمار دفع العائلات إلى التكدس في الأحياء التي نجت من المعارك، مثل حي القصور والموظفين والجورةواجزاء من الجبيلة ، مما أدى إلى زيادة هائلة في الطلب على المنازل المتاحة بحسب ابو يزن صاحب احد المكاتب العقارية.
وإلى جانب الدمار، أدى غياب مشاريع إعادة الإعمار الفعالة إلى تفاقم الأزمة. فالمواطنون يواجهون صعوبات جمة في إعادة تأهيل منازلهم المدمرة بسبب التكاليف الباهظة لمواد البناء، مما يجعل خيار الترميم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين.
تأثيرات اجتماعية واقتصادية
النتائج المباشرة لهذه الأزمة تظهر بوضوح في ارتفاع أسعار الإيجارات بشكل غير منطقي. فبحسب شهادات السكان، تتراوح أسعار الإيجارات في الأحياء المأهولة بين مليون وثلاثة ملايين ليرة سورية شهريًا، وهو مبلغ يفوق بشكل كبير متوسط دخل المواطن السوري.
هذا الارتفاع يضع العائدين أمام خيارين أحلاهما مر: إما العيش في منازل متضررة قد لا تكون آمنة، أو تقاسم منازل صغيرة مع عائلات أخرى، مما يؤثر سلبًا على الخصوصية والظروف المعيشية.
هذه الظروف الصعبة لا تؤثر فقط على العائدين من الداخل، بل تدفع أيضًا بالعديد من السوريين في الخارج إلى إعادة النظر في فكرة العودة إلى وطنهم، في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار وعدم القدرة على تأمين سكن مناسب.
تظل أزمة السكن في دير الزور تحديًا كبيرًا أمام جهود إعادة الحياة إلى المدينة. فإلى أن تجد هذه الأزمة حلاً جذريًا، سيبقى حلم العودة الكاملة والآمنة للعائلات رهينًا بأسعار الإيجارات التي تحجب الأفق وتزيد من حجم المعاناة.