هيومن فويس – عفرين – سوزانا أحمد
لم يكن الشاب أحمد بلدينو، ابن بلدة راجو في ريف مدينة عفرين، يتخيل أن يصبح اسمه متداولاً بين محبي الفن والرسم في المنطقة، وأن يتحول من هاوٍ بالمصادفة إلى فنان تشكيلي يحمل رؤية وهوية بصرية خاصة.
يحكي أحمد، البالغ من العمر 26 عاماً، بدايته مع الرسم في حديثه لـ”هيومن فويس”:
“شاركت بالصدفة في مسابقة لفن الماندالا، دون أن أكون قد مارست الرسم سابقاً، فقط أحببت التجربة لأن أصدقائي كانوا يشاركون. المفاجأة أنني حصلت على المركز الثالث من بين 35 متسابقاً، ومن هنا بدأت القصة.”
تلك اللحظة شكلت نقطة التحول في حياة أحمد، الذي توقف لاحقاً عن عمله بعد البكالوريا وتفرغ تماماً للفن. أسّس مرسماً صغيراً في بلدته راجو، بدأ بتعليم الرسم للطلاب، كما التحق بمعهد الفنون في المدينة، وشارك بعدة معارض جماعية في المنطقة.
على مدار نحو سبع سنوات، راكم أحمد تجربة فنية مميزة، خاض فيها أنماطاً مختلفة من المدارس الفنية، من الواقعية إلى التعبيرية والسريالية، حتى تبلورت لديه هوية بصرية خاصة، تمزج بين الأكاديمية والبحث في الذات.
يقول أحمد إن كثيراً من أعماله الفنية تنطلق من سلسلة لوحات تحت عنوان “بقايا حلم”، موضحاً فكرتها بالقول:
“بقايا حلم تحكي عن الأثر العميق للذكريات، أشبه بقطرات ندى تتلاشى على زجاج لكنها تترك بصمتها. أما لوحاتي، فأعتبرها أشباحاً هائمة ورموزاً غامضة تعبّر عن تعقيدات المشاعر الإنسانية، إنها نافذة لعالم داخلي مكثف.”
لوحاته تحمل طابعاً نفسياً واضحاً، إذ يستخدم مزيجاً من الألوان الداكنة وأحياناً الفاتحة، للتعبير عن الحالات النفسية المتباينة التي يعيشها الإنسان. وكثيراً ما تحتوي أعماله على عناصر مشوّهة أو غير مكتملة، في تماهٍ مع فكرة الحلم والواقع والضياع بينهما.
ولا يقتصر نشاط أحمد على اللوحات الفنية فقط، بل يعمل أيضاً في مجال الرسم الجداري والغرافيتي، ويعده مصدر دخل يساعده في الاستمرار بمسيرته.
يطمح أحمد بلدينو إلى تطوير هويته البصرية بشكل أعمق، والانطلاق بها نحو فضاء أوسع في الساحة الفنية، ليرسّخ اسمه كفنان تشكيلي سوري ينقل من خلال فنه مشاعر جيلٍ عايش الحرب والحلم معاً.