زواج الأقارب بين الموروث الاجتماعي والمخاطر الصحية المتزايدة
درعا – هيومن فويس – منصور الطرشان
لا يزال زواج الأقارب شائعًا في المجتمعات ذات النمط القبلي، حيث يعتبره الأهالي تقليدًا متوارثًا عبر الأجيال. ورغم التحذيرات الطبية المتكررة من مخاطره، فإن هذه العادة ما زالت راسخة، ما يترتب عليه عواقب صحية جسيمة تطال الأجيال الجديدة.
يؤكد مختصون في الصحة أن زواج الأقارب يزيد من احتمال الإصابة بأمراض وراثية مزمنة وخطيرة، مثل التشوهات الخلقية، وأمراض الشلل، ونقص الأكسجين في الدماغ، إضافة إلى أمراض نادرة يصعب علاجها. وتتضاعف هذه المخاطر في حال تكرار الزواج بين الأقارب عبر أكثر من جيل، بسبب انتقال الطفرات الجينية الضارة.
ورغم الحقائق العلمية، يتمسك كثير من الأهالي بمبدأ أن “ابن العم أولى بالفتاة من الغريب”، ما يحد من خيارات الزواج أمام الفتيات ويقيّد مستقبلهن. ففي بعض الحالات، يرفض أولياء الأمور تزويج الفتاة لغير قريبها، حتى وإن كان مؤهلًا، التزامًا بالعادات المتوارثة.
ويرى خبراء أن انتشار هذه الظاهرة يعود إلى ضعف الوعي بمخاطرها، وغياب الحملات التثقيفية التي توضح آثارها الصحية والنفسية. كما يساهم غياب المبادرات الإعلامية والمجتمعية في ترسيخ المعتقدات التقليدية، رغم تسجيل المستشفيات حالات متزايدة من الأمراض المرتبطة بزواج الأقارب، خاصة في المناطق الريفية والقبلية.
ويطالب ناشطون ومنظمات مجتمع مدني بإطلاق حملات توعية شاملة تستهدف مختلف الفئات العمرية، عبر ندوات وورش عمل ونشرات إعلامية، مع الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة. كما يشددون على ضرورة إشراك الزعماء المحليين ورجال الدين في جهود التوعية، لتصحيح المفاهيم وإقناع الأهالي بأن صحة الأبناء وسلامتهم يجب أن تتقدم على أي اعتبارات اجتماعية.
وبينما تظل العادات والتقاليد عائقًا أمام التغيير، يأمل المهتمون أن تؤدي التوعية المستمرة إلى الحد من انتشار زواج الأقارب، حفاظًا على صحة الأجيال القادمة وتعزيز فرصهم في حياة أسرية سليمة.