زراعة القطن في أرياف الحسكة: بين الأمل بالموسم والتحديات المناخية والاقتصادية
الحسكة-هيومن فويس-رنيم الأحمد
يتواصل موسم الزراعة الصيفي حاملاً معه تطلعات المزارعين في أرياف الحسكة، لكن كثرة الصعوبات المناخية والاقتصادية تدفع بالكثير منهم إلى تقليص المساحات المزروعة، خصوصًا بمحصول القطن المعروف محليًا بـ”الذهب الأبيض”، وهو من أبرز المحاصيل الاستراتيجية التي لطالما اعتمدت عليها المحافظة، لكنه بات اليوم مهددًا بالتراجع بفعل الجفاف وارتفاع التكاليف.
الحسكة، التي كانت في الماضي من أكبر المحافظات المنتجة للقطن في سوريا، تشهد هذا الموسم تراجعًا ملحوظًا في المساحات المزروعة. فزراعة القطن ليست كغيرها من المحاصيل، إذ تحتاج إلى كميات وفيرة من المياه، ما يجعل تكاليفها باهظة في ظل أزمة اقتصادية خانقة يعيشها الفلاحون منذ سنوات.
خلدون غسان، مزارع من ريف الشدادي، تحدّث لـ”هيومن فويس” عن واقع الزراعة قائلًا:
“تكاليف زراعة القطن ارتفعت بشكل كبير، كثير من المزارعين امتنعوا عن زراعته هذا الموسم. فقط البذار يكلف حوالي 50 دولارًا للدونم الواحد، حيث يحتاج الدونم إلى 10 كيلوغرامات وسعر الكيلو قرابة 5 دولارات”.
وأضاف: “الجفاف ونقص الأمطار، وجفاف الأنهار، بالإضافة إلى التغيرات في التربة التي أضعفت خصوبتها بسبب الحرب والقصف وبقايا المقذوفات، كلها عوامل ساهمت في تراجع الإنتاج”.
وتابع غسان حديثه مشيرًا إلى أن تكلفة زراعة الدونم قد تصل إلى 95 دولارًا، بين أجور الحراثة والعمال والري، بينما تتراوح إنتاجية الدونم الواحد بين 100 إلى 500 كيلوغرام فقط. كما أشار إلى أن طريقة “المساكب” في الري، المنتشرة في المنطقة، تُعد مكلفة لاستهلاكها الكبير للمياه، في وقت تندر فيه مصادر الري.
وعن التكاليف الأخرى، أوضح أن القطن يتطلب كميات كبيرة من الأسمدة، وخاصة الآزوت والفوسفور، ما يُضيف عبئًا إضافيًا على الفلاحين. ورغم تحديد المؤسسة العامة للأقطان التابعة للإدارة الذاتية سعر شراء الطن بـ 600 دولار لهذا الموسم، فإن الفلاحين ما زالوا يخشون من تدخل التجار وتحكمهم في السوق في ظل غياب آلية شفافة لتسويق المحصول وضمان وصوله للمؤسسات الرسمية.
وبحسب بيانات رسمية، بلغت المساحات المزروعة بالقطن على مستوى سوريا هذا العام نحو 8722 هكتارًا، أي ما يعادل تنفيذ 62% فقط من الخطة الزراعية المقررة.
رغم كل هذه التحديات، يتمسك المزارعون في الحسكة بالأمل، على أمل دعمهم وشراء المحصول منهم بأسعار عادلة تُوازي التكاليف، وتُعيد للقطن مجده القديم كمصدر رزق أساسي، لا مجرد ذكرى لمواسم وفيرة مضت.