درعا… أرض الكرم والنخوة التي لا تخذل الفزعة
درعا- هيومن فويس -يحيى الكناني
منذ أن سُطرت أولى الحكايات عن الأرض والناس، كانت محافظة درعا حاضرة في صفحات الكرم العربي والنخوة الأصيلة. لم تكن هذه الصفات طارئة على أهلها، بل متجذّرة في تاريخهم وعاداتهم، حيث شكلت الفزعة، ومعاني الإغاثة والإيواء، جزءًا من هويتهم اليومية.
على مر السنين، شهدت درعا مواقف إنسانية مشرفة في مختلف المحطات الصعبة التي مرت بها البلاد. في كل مرة كانت الأزمات تدق الأبواب، كان أهل حوران يفتحون أبواب بيوتهم قبل أن تطرق، ويمدّون أيديهم قبل أن يُطلب منهم، مجسدين أسمى معاني التضامن الإنساني.
وليس ببعيد عن الذاكرة، مواقفها في استقبال النازحين والمهجرين من مختلف المحافظات السورية، حيث تحولت أحياؤها وقراها إلى مأوى آمن لكل من فقد بيته وأرضه، فوفرت لهم السكن، وتقاسم أهلها معهم الخبز والماء، بل وحتى قوت يومهم، في صورة تجسّد أبهى معاني الجود الذي يفيض بلا منّة.
تاريخيًا، كان الكرم الحوراني جزءًا من هوية المنطقة، متوارثًا من جيل إلى جيل، تغذيه البيئة الزراعية التي منحت الأرض سعة، ومنحت أهلها قلوبًا لا تضيق. فما بين الحقول الواسعة والبيوت العامرة، وُلدت قيم الفزعة التي لم تنقطع حتى يومنا هذا.
يقول أبو أحمد، وهو أحد وجهاء مدينة طفس: “هذه الأرض علمتنا أن الضيف أمانة، والنازح أخ لنا في المحنة، لا يمكن أن نغلق الباب في وجهه مهما كانت الظروف.”
من جهة أخرى، يصف أبو محمد، نازح حديثا من السويداء، تجربته قائلاً: “عندما وصلنا إلى درعا كنا بلا مأوى، استقبلنا أهلها بصدور رحبة، وفرشوا لنا بيوتهم قبل أن نسأل. لم نشعر أننا غرباء ولو ليوم واحد.”
اليوم، ورغم التحديات والظروف الصعبة، ما زالت درعا على عهدها، ثابتة على قيمها الأصيلة، تستجيب لكل نداء إنساني، وتثبت أن الكرم والنخوة ليسا مجرد شعارات، بل فعل يومي متجذر في حياة الناس.
درعا ليست فقط محافظة على خارطة الجغرافيا، بل عنوان للكرامة، والإنسانية، والأصالة التي لا تعرف الزوال.