آلاء إبراهيم – هيومن فويس
في مشهدٍ يومي بات جزءًا من حياة الشارع السوري، يقف الأطفال عند إشارات المرور في مختلف المدن، حاملين علب المناديل أو أدوات تنظيف الزجاج، يعرضون بضاعتهم البسيطة أو يقدمون خدمات سريعة مقابل بضع ليرات، فبين العمل القسري والتسوّل يضيع مستقبل هؤلاء الصغار، الذين حُرموا من حقهم في التعليم والرعاية، ووجدوا أنفسهم يسعون خلف قوت يومهم، وسط غيابٍ واضح لبرامج الحماية الاجتماعية.
يتحمّل أرباب العمل جزءًا من المسؤولية، لكونهم يستغلّون حاجة الأطفالح للمال. فيدفعون بهم للعمل لساعات طويلة تحت أشعة الشمس أو في أجواء الشتاء الباردة، مقابل أجورٍ زهيدة تكاد لا تسدّ رمق عائلاتهم، بينما يتعمد آخرون لاستخدامهم كواجهة للتسوّل، أو كوسيلة لتهريب المواد كالتبغ والمحروقات أحياناً
يعود الانتشار الكبير لهذه الظاهرة لأسبابٍ كثيرة، يأتي في مقدّمتها ضعف الرقابة من قبل الجهات المعنية، والظروف القاسية التي تعيشها آلاف العائلات لا سيما في مخيمات النزوح، إلى جانب توقف المساعدات الإنسانية وانعدام سبل العيش، ما يدفع بالأسر التي فقدت المعيل لإقحام أطفالهم بأعمالٍ شاقة لا تناسب أعمارهم غالباً
لا تقتصر خطورة هذا النوع من العمل على حرمان الأطفال من حقهم في التعليم، بل تمتد لتشمل مخاطر صحية مباشرة، خاصةً مع الارتفاع الكبيرة في درجات الحرارة، إذ يقضون ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، ما يجعلهم عرضة لأمراضٍ كثيرة.
““أم دريد” نازحة في أحد مخيمات سرمدا وأم لأربعة أطفال، أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، تروي لـ”هيومن فويس” معاناتها قائلة: “فقدت زوجي قبل ست سنوات، ولم يعد لي معيل سوى الله. في البداية كنت أعمل لأؤمّن احتياجات أطفالي، لكن إصابتي بمرض السكري أجبرتني على التوقف، فاضطررت لإرسال أكبر أبنائي وكان عمره حينها ثماني سنوات، للعمل ببيع المناديل والبسكويت. ومنذ ذلك الوقت ونحن نعيش على المدخول القليل الذي يجنيه يوميًا” وتضيف: “قبل أسبوعين تعرّض ابني لضربة شمس أثناء العمل وبقي لأسبوع كامل طريح الفراش”
ما يزال هؤلاء الصغار العاملون في مهنٍ شاقة ومجهولة المصير، لا يتمتّعون بأي تأمينات اجتماعية أو حماية قانونية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال والتحرّش، ووسط هذه المأساة يبقى السؤال مطروحاً… هل سيدفع الفقر والواقع المعيشي الصعب مزيداً من الأطفال نحو العمالة والتسوّل؟!