إدلب _ هيومن ڤويس _ نور بري
في الوقت الذي يتحضر فيه الكثيرون من سكان إدلب لتحضير مؤونة الشتاء، يصطدم الآف من الفقراء هذا العام بواقع اقتصادي قاس حرمهم من أبسط طقوس الصيف التي اعتادوا عليها لعقود فقد أدى الارتفاع الكبير في أسعار الخضار إلى حرمان عدد كبير من العائلات من تحضير “المونة”، التي تُعد تقليدا غذائيا وضرورة معيشية في آنٍ معا.
وفي تصريح خاص ل هيومن ڤويس
تقول سهام، وهي أم لخمسة أطفال تقيم في أحد أحياء مدينة إدلب: إنا اليوم طلعت ع السوق لاشتري فليفلة للعمل شوية مخللات، بس تفاجئت بالاسعار سعر الكيلو تقريبا 20 ليرة تركية الشي يلي خلاني ارجع ع البيت بدون ما اشتري شي غير الطبخة.
وتضيف بأسى: كنا نستنى الصيف لنحضر المونة ونخزنها للشتوية، بس بهالأسعار صرنا نحلم بكيلو الفليفلة
فيما شهدت أسواق إدلب خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في أسعار الخضروات الأساسية التي تدخل في إعداد المونة، حيث بلغ سعر كيلو الباذنجان نحو 15 ليرة تركية، بينما وصل الخيار إلى 23 ليرة، والبندورة إلى ما يزيد عن 12 ليرات. ويؤكد تجار في سوق الخضار أن الأسعار مرشحة للارتفاع أكثر، في حال استمرار الظروف الحالية وعدم الاستيراد.
يُرجع عدد من التجار والباعة هذا الغلاء إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع تكلفة المحروقات، التي أثرت على أجور النقل والري، إضافة إلى ضعف الإنتاج المحلي بسبب قلة الأمطار، وغياب الدعم الزراعي، فضلا عن تراجع الرقابة على الأسواق.
وتضيف أم حسين بالسياق ذاته ، وهي نازحة بإحدى قرى ريف إدلب أن المونة تحولت لحلم بعيد المنال وتقول: صرلي سنتين بعمل مونة قليلة السنة قلت لانه استقرينا منا نعمل مونة اكتر اليوم حتى هالشي ما عاد نقدر عليه .
وسط هذا الواقع يطالب عدد من الأهالي في إدلب المجالس المحلية والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل، عبر ضبط الأسعار، وتقديم دعم مباشر للأسر الفقيرة، سواء من خلال مساعدات غذائية أو مشاريع مخصصة لدعم موسم المونة.
وفي ظل غياب الرقابة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، يبدو أن تقاليد المؤونة الصيفية بدأت تختفي تدريجيا من بيوت الفقراء في إدلب، بعد أن كانت ركيزة أساسية في الأمن الغذائي لعقود ومع حلول الشتاء القادم، تبقى العائلات بانتظار دعم لا يأتي، ووعود لا تُترجم إلى أفعال.